jeudi 13 octobre 2011

النظام العربي: نحكمكم أو نبيدكم


بقلم: مصطفى البعزاوي لم يشهد التاريخ البشري أمثلة على ظلم الحكام و استبدادهم كما هو حاضر الحال في منطقتنا العربية, التاريخ علمنا أن الدول المركزية لا تستطيع التعايش مع غيرها من مراكز القوة، فهي إما تعيش وتحكم و حدها أو تتناحر مع غيرها لتحكم في النهاية وحدها. هذا ما نعرفه عن تاريخ الإمبراطوريات و الأباطرة. ولعل سر الاستبداد الذي تحدثه هذه الدول أو الإمبراطوريات في مواطنيها يكمن في بطء حركة المعلومة في منطقة نفوذ هذه الحكومات و اعتمادها على عناصر الحكم الاستبدادي التقليدية، الولاء، المال و القمع. فقد نجحت هذه الدكتاتوريات دائما، لكن إلى حين، في مدارات الجرائم وحمامات الدم التي تقترفها في حق شعوبها اعتمادا على التشكيك في كل خبر لا تكون السلطة مصدره.
التاريخ المعاصر أفرز نموذجا مستحدثا لنمط الدولة القومية التي قامت غالبا على أساس تجانس الأفراد داخل حدود جغرافية معينة. لكن ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأ تشكل نظام المجموعات من الدولة القومية نفسها بعدما وصل الفكر السياسي الأوروبي إلى حقيقة و حتمية التعايش بين الشعوب في إطار أوسع من ضيق الدولة القطرية وهو تطور نوعي في الفكر الإنساني من المؤسف أنه اقتصر على ضحايا الحربين و لم يعمم على بقية الشعوب. للتذكير فإن المجموعة الأوروبية ولدت في 1952. 
أنظمة الحكم في بلداننا العربية كانت خليطا هجينا من إرث تراثي سلطة مركزية ظالمة الخلافة ببعدها الديني و من مشروع و حلم إقامة دولة قومية حديثة على النمط الغربي، فتمخض الجبل ليلد كارثة تلخصت في ملكية قطرية بصورتها الأموية في الخليج و « خليفة « بربطة عنق في باقي البلدان العربية و هو أسوأ نظام حكم في التاريخ الإنساني
و في الوقت استفادت الدول الأوروبية من تجربتها في البحث عن خصوصيات لبناء نموذج دولتها القومية فإن الدولة العربية ما بعد الاستعمار اجتهدت في تفتيت المقومات التي تجمعها و بحثت بالمجهر عن ما يميزها و التنقيب عن كل ما يمكن أن يبعدها عن محيطها الجغرافي و الثقافي و المشترك التاريخي بينها. فما يمكن أن يجمع بين الفراعنة و القرطاجيين والبربر و القبائل و العشائر العربية بمختلف مسميات عائلاتها و مشايخ قبائلها. و عليه، تحولت المنطقة العربية من منطقة متجانسة جغرافيا و ثقافيا و اقتصاديا و تاريخيا إلى مجموعة من الكيانات المتناحرة أعادت إنتاج أنماط حكم أجدادهم بدء بالدولة الأموية إلى ملوك الطوائف في الأندلس ودول الأيوبيين والمماليك في مصر والشام.
لا نعلم حقيقة ما يسند هذه الدول ولا ندري كيف تجدد قواها التي تحميها برغم فسادها و غسيلها القذر المنشور على كل الأعمدة. أنظمة سلطوية، متفردة نرجسية، فاسدة و متخلفة، لا بل كارثية بكل المقاييس لا تقف على قاسم مشترك يوحدها. لكل دولة زعيمها و نشيدها، جيشها و علمها و حدودها. في نهاية القرن العشرين انضاف إلى هذه الجوقة عنصر جديد هو الفريق القومي لكرة القدم و أصبح عنوان نجاح نظام من هذه الأنظمة في نهاية الأمر بين أقدام مجموعة من الأفراد يتقاذفون صورته بين النصر والهزيمة. حرب الكرة بين مصر والجزائر مثال صارخ على هذا السقوط القيمي.
كل هذا وهي أنظمة ساقطة و مذمومة من كل الشعوب مع تواطؤ مريب من الدول والهيئات الدولية. شعار السيادة والاستقلال في الدولة الحديثة رفع للتفرد بالشعوب وإذاقتها مرارة القهر و الظلم والهزيمة و الفقر و التخلف و الذل. نلمس ذلك في البؤس اليومي للناس، في تدني الخدمات العامة و مظاهر الفقر و الجهل والتخلف في جميع مجالات الحياة حتى تصل إلى النكتة في الشارع بين أفراد المجتمع كعنوان من عناوين الرفض لهذه الأنظمة. إلا أنها مع ذلك أنظمة قائمة متحكمة، متسلطة، جائرة وفاسدة فسادا بينا مفضوحا. و مع ذلك لها من مقومات القوة ما مكنها من الكذب والنباح بلا نهاية ولها جيش من « الخبراء» يبدعون في تقنين القمع و قتل حركات الإصلاح وتدجين مؤسسات المجتمع المدني والنجاح في الوقوف بصلف و عنف في وجه كل المعارضات، بل في وجه محاولات الإصلاح حتى من داخلها. و هذا ما لم نكن نفهمه. أما ما أصبحنا نفهمه الآن هو أن هذه الأنظمة لم تكن أنظمة سياسية تحكم شعوبا حتى و إن كان بالحديد و النار. بل هي عائلات لا علاقة لها بالسياسة وبالشأن العام لا من بعيد و لا من قريب. إنها عائلات تحكم الناس على أنهم عبيد ورعاع يأكلون و يشربون و يتزاوجون ومن رحمة الله أنهم يموتون. يدفعون ما عليهم من الإتاوات و الضرائب و الأداءات ويكدحون في سبيل تأمين الحد الأدنى من ضروريات الحياة المادية. في حين يبدد أفراد العائلات الحاكمة كل ما تحت وما فوق الأرض على النزوات و الفساد والإفساد. يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة بل لا يتصورون أن يسألهم أحد عن طلاقة أيديهم في مشاعة التصرف و التحكم المطلق في ما يعتبرونه ملكا خاصا .
وما إن قامت الشعوب تقول لهم إنكم موظفون مكلفون بمهمة تسيير البلاد والسهر على مصالح الناس وجدوا أنفسهم مجبرين على كشف حقيقتهم وإفهام الناس إنهم ليسوا بشرا بل « جرذان» تجب إبادتها. كان عليهم أن يطهروا عبيدهم من العناصر الكافرة بالنعمة والمتمردة على أسيادها وأولياء نعمتها «زنقة زنقة و بيت بيت». تقتيل الناس في المظاهرات السلمية منها و العنيفة هو بالنسبة لهم مجرد عملية «تطهير الرعية المارقة» و حفظ الأمن العام الذي لا يعني في الحقيقة غير تأمين وتأبيد مواقعهم حتى يعود قطيع الشعب إلى حظيرته ويعاود أسلوب رعيه الذي اعتاد عليه.
اكتشفت الشعوب فجأة أنها بشر واكتشف الحكام فجأة أن هذه القطعان لا تستحق غير القتل والإبادة و ندموا على كل حسنة تصدقوا بها عليها و أيقنواالآن أن وحدتهم و تحالفاتهم هي ضمانة المحافظة على كياناتهم و أسرهم وهم مستعدون أكثر من ذي قبل لإفناء هذه الشعوب. لذلك خرج علينا أحد أباطرة هذه العصابات وهو الآن يبحث عن جحر يداريه - بعد أن كاد كيده و جمع غيظه معلنا أنه قرر أن يستبدل عبيد العرب بعبيد العجم لأنهم أولى بالنعمة وأهل للمنة من بني جلدته. 

lundi 22 août 2011

الوصايا العشر للقضاء على الفساد والاستبداد


1

الإيمان أن كل مواطن بإمكانه أن يكون طرفا فاعلا قبل أن يكون مفعولا به.

2

الإيمان أن الاستبداد لا يتجسّد في أشخاص بل في جملة من الممارسات التي يساهم فيها العامة عن جهل أو عن رغبة في قضاء مصلحة

3

الامتناع عن التمتّع بامتيازات يسمح بها المركز الاجتماعي وهي غير قانونية

4

الإيمان بأنّ الفساد لا يتجزّأ: عندما تحارب الفساد فأنت تحارب ظاهرة لا أشخاصا. ليس هناك مفسدون صغارا وآخرون كبارا بل هناك مفسدون يستغلّون مكانتهم كلّ من موقعه

5

الامتناع عن المزايدة بالوطنية وبالبطولات والإيمان بأنك لست الأفضل في مجالك ولكن بإمكانك دوما أن ترقى نحو الأفضل

6

الديمقراطية ليست هدفا ولكنّها ممارسة في إطار مسار يتطلّب مجهودا يوميا

7

الآخر المختلف ليس خطرا داهما والتعامل معه دائما ممكن

8

السكوت عن الحق يساهم في عودة الاستبداد حتى لو كان في دفاعك عنه دفاع عن موقف الخصم

9

عندما تبدأ بتغيير نفسك فإنّك بدأت بتغيير المجتمع

10

الامتناع عن التزلّف إلى أشخاص لأنّ مكانتهم في المجتمع حسب تقديرك مرموقة

منقول

mercredi 10 août 2011

أوّل حاكم عربي في القفص



إذا كنا لم نتوقع انفجار الثورات العربيّة، وفوجئنا، فدهشنا، وانعقدت ألسنتنا من شدّة الفرح بما نشاهد من امتلاء الشوارع والميادين بالجموع الزاحفة لانتزاع الحرية، غير هيابة من بلطجية الأنظمة، ورصاص أجهزتها الأمنية..فإننا لم نكن لنتخيّل أن نرى رئيس أكبر دولة عربيّة في القفص، يحاكم على الهواء مباشرةً، وفي نقل حي للفضائيات المصرية التي عادت لتنقل صوت شعب مصر، وبطولاته، وفصول ثورته.

من قاعة المحكمة في أكاديمية الشرطة، يوم الأربعاء 3 آب/اغسطس استمتع ملايين العرب بالمشهد غير المسبوق في التاريخ العربي المعاصر: محاكمة محمد حسني مبارك، الرئيس المخلوع رغم أنفه، بتضحيات ثوّار 25 يناير في ميدان التحرير، وكل ميادين المدن المصرية.
يا له من مشهد ما كان للمخيلة أن تجمح فتتوقعه: حاكم عربي في القفص، ممددا على سرير ـ لا يمكن وصفه بسرير الشفاء ـ مجردا من أي مجد، وأبهة، وفخامة، وحرس، وأجهزة يتقافز قادتها لتأمين أمن السيّد الرئيس، برهانا على الولاء والجدارة بالمنصب، ولزوم الهيبة ودّب الخوف في القلوب.
يا له من مشهد: الفرعون الذي تحنّط على الكرسي منذ العام 1981 وحتى العام 2011، تماوت على السرير موتا ثعلبيا تمسكنا ومخادعة واستجداءً لعواطف الجماهير الطيبة التي أدمن قهرها، وزهقت من سماجة أساليبه ورداءتها..محاولاً استغلال طيبتها رغم قتله لمئات فلذات أكبادها.
مطّ المخلوع رأسه ليرى إن كان يعرف أحدا من الحضور، وبدا أنه غير مصدق بأنه في قاعة محكمة حقيقية، وأنه في القفص، وأنه غير محترم، فمملكة شرم الشيخ انهارت، وشعب مصر هو من أصرّ على محاكمته، وهو من يطالب بقصاص عادل رغم كل جرائمه هو وأركان حكمه من العدلي إلى حسين سالم الهارب بالمليارات في إسبانيا.
المخلوع يرفع رأسه ببطء محاولاً بنظرة من الحضيض الذي آل إليه أن يختطف نظرة تريه بعض الحضور، ولكن رأسه يعود فيسقط من اليأس، فهو بلا أصدقاء، بلا هيلمان، فلا وجه صديق بين الحشد الذي يملأ قاعة المحاكمة التاريخية المشهودة، والتي ينطبق عليها: فضيحة وعليها شهود..ليس في مصر وحدها، بل في العالم كله. 
يا لها من نهاية، وخاتمة مخزية!
ليس للمخلوع من يتعاطف معه، ويأسى لحاله، سوى الأصدقاء الأوفياء في تل أبيب، فالكنز الاستراتيجي 'بح'!..والآتي لا يبشر بخير، فمصر تعود لشعبها، وقرارها يعود ليد أهلها، وجماهير مصر النبيلة لا تفكّر بعقلية الثأر، رغم كل ما اقترفه الطاغية وزبانيته، ولذا أصرّت على محاكمته وفقا للقانون، وأمام قضاء عادل، وبحضور محامين يدافعون عنه.
أوّل حاكم عربي يدخل القفص مذلاً مهانا، بعد أن جرّع الأمة كلها كؤوس المهانة، وفتت صفوفها، وباع قضاياها، وحوّل مصر إلى دولة للفساد، حتى بشهادة أمريكية رسمية، لأن فساد حكمه ما عاد ممكنا التستر عليه، مع كل الخدمات التي أسداها لرعاته الأمريكان.
يوم 3 آب/اغسطس 2011 سيبقى في ذاكرة ملايين العرب بعامة، وشعب مصر العريق بخاصة، فكل شعب عربي له ثار عند هذا المفتري ونظام حكمه، وفي المقدمة شعب فلسطين، وقائمة التهم الفلسطينية (لرئيس الغفلة) تبدأ ولا تنتهي، فهو لم يكتف بمحاصرة أهلنا في قطاع غزة، ولكنه دفع بالقيادة الفلسطينية لتقديم التنازل تلو التنازل للكيان الصهيوني، لأنه كان معنيا بالتخلص من القضية الفلسطينية، وتصفيتها نهائيا.. وخلاص بلا وجع دماغ!
مبارك هو (بطل) المشهد، ولكنه ليس البطل الوحيد، فهناك إبناه علاء وجمال، ووفّر لهما كل أسباب الثراء، وكاد أحدهما يخلفه على الكرسي، وليس على السرير، أدارا ظهريهما للكاميرات مرارا حتى لا يُرى الأب في حالته المزرية، ولكن الكاميرا لا تأبه بمشاعر الابنين، ومحاولاتهما الساذجة، وهكذا استمتعنا بالمشهد الذي لم يغب عنه وزير الداخلية (الرهيب) وأركان أجهزته الأمنية، بل واستمتعنا بمداخلات محامين يدافعون عن المخلوع، بطريقة حسن سبانخ المحامي الفهلوي في فيلم (الأفوكاتو)!
ظهر الابنان بالملابس البيضاء أسوة بملاءات سرير أبيهما، دلالة على نقاء السريرة، ونظافة الكف، والبراءة من التهم، ولفت الانتباه تشبث يمنى كل منهما بنسخة من القرآن الكريم..أي والله: القرآن الكريم..وكأنهما مؤمنان، بل ومن فرقة سلفية برزت بعد انهيار النظام!
نكّت المصريون على الرئيس المبطوح على السرير الطبي، وهو يحشر إصبعه في..أنفه ـ راجل مش نظيف ـ ويرفع رأسه كالقوقعة، ويرّد على رئيس المحكمة: نعم.أفندم ..حاضر.. ثمّ وهو ينكر التهم الموجهة له، بصوت أجّش مهزوم: أنكرها جميعها.
حجم النكت المتدفق من شعب مصر على المواقع، والهواتف الخلوية، يكفي لإصدار مجلدات تليق بفخامة الرئيس المخلوع، المتمارض ونجليه الثريين المقفوصين (نسبة إلى القفص)!
من أوحوا للمخلوع بالانبطاح على السرير ـ لا أظن أنهم أوصوه بأن يدس إصبعه في منخاره..وهات يا تحريك!ـ ولكن ربما أوصيا الابنين أن يدخلا القفص متشبثين بالقرآن الكريم..لزوم التأثير على الشعب المصري المؤمن الورع وهو يستقبل شهر الصيام، ليرأف بالرئيس المسكين البريء الطاهر الذيل هو ونجليه الفقيرين لله، والذين مثله أنكرا التهم الموجهة لهما!
من الطريف أن ابن القذافي المدعو سيف الإسلام ـ أي إسلام الذي هذا سيفه! ـ ظهر مؤخرا وهو يرتدي الجلاّبية البيضاء، وعلى رأسه طاقية قماشية بيضاء، وبلحية طويلة، وهو يتحدث عن التواصل مع الجماعات الإسلامية المعارضة للتفاهم معها!
دائما لجأ الحاكم العربي للتدليس على الجماهير بارتداء زي الدين، وقد توجه بعضهم للحج، والعمرة..وهنا أذكّر بمشهد بن علي وهو يتشعبط على الحجر السود وينشج نشيجا مرّا..ذلك الفاسق!
يقال في الأمثال: الضرب في الميّت حرام..وأنا أرى أن المخلوع مات، وبدا يتفسخ، حتى وهو يتحرّك في السرير، ويدس إصبعه في منخاره، ولذا ليس مهما أن يعدم، وإن صدر ألف قرار بإعدامه..فقد أعدم في القفص، وانتهى أمره.
ثلاثة رؤساء حكموا مصر: جمال عبد الناصر الذي سارت في جنازته أكبر حشود سارت في جنازة في العالم.
أنور السادات الذي اغتاله جنود من الجيش المصري في يوم نصر6 أكتوبر عام1981..و..مبارك الذي خلف السادات.. وانتهى في القفص!
تستبشر الجماهير العربيّة في البلدان الثائرة، والمنتفضة، والمتأهبة..بأن القفص لن يكون الأخير، وأن المشهد لن يكون الأوّل والأخير في مسلسل الحكّام الجديرين بهذه النهاية.
اللهم بجاه رمضان وبركاته احشرهم جميعا في الأقفاص، هؤلاء الذين تعاملوا مع الشعوب كما لو أنها دجاج..وهم الديكة!
اللهم بجاه هذا الشهر الفضيل مكّن شعوبنا من نتف ريشهم.
فليذوقوا ما يستحقون، فلا رأفة ولا شفقة مع من أهانوا شعوبنا، وأمروا بقتل بناتها وأبنائها في عتمات السجون، وساحات وشوارع المدن الثائرة فداءً للحرية والكرامة.



رشاد أبوشاور

mardi 14 juin 2011

الحكومة الخفية لا تقيم وزنا للضعفاء و تملي الأوامر على الأتباع و تتفاوض مع الأقوياء




من هي الحكومة الخفية الحقيقية ؟   من هو  اللذي  يحكم  البلاد فعليا : هل هي حكومة الظل برئاسة كمال اللطيف؟ أم  حكومة الباجي و هيآتها ؟ أم وزارة الداخلية ؟ أم الجنرال رشيد عمار  ؟ أم  بعض رجال الأعمال و بعض قيادات التجمع  ؟    أم جميع هؤلاء دمى تحركهم حكومة خفية من الخبراء؟ إن المتتبع للمشهد السياسي في تونس و مصر  يمكنه الوقوف على جملة من الأحداث و المجريات غاية في التشابه و التطابق قد وقعت في تونس و مصر مما يوحي أن الرأس المدبرة واحدة رحل الإستعمار و بقيت التبعية  للتذكير بما هو معلوم من السياسة بالضرورة فإن الإستعمار المباشر قد رحل، و لكن قد وقع تعويضه بالتبعية الإقتصادية و الثقافية و السياسية و العسكرية تحت عنوان التعاون في الأمور التقنية و الثقافية، و لازال الحال كذلك إلى اليوم. و حتي تتضح الصورة أكثر ننقل لكم ما يلي  <<  وفي مقاله بصحيفة "الشروق" 14 مايو 2011 حكى الكاتب فهمي هويدي كواليس دعوة وجهتها الخارجية الفرنسية إلى ستة من شباب التجمعات السياسية المصرية لحضور ندوة في باريس 14 و15 أبريل الماضي...... تطرق الحديث إلى استعداد الحكومة الفرنسية لتقديم مختلف صور الدعم للقوى السياسية المصرية التي ظهرت أثناء الثورة. وعبر "جان فرانسوا كوبيه" الأمين العام للحزب عن رغبة فرنسا في التعاون مع الأطراف التي تتبنى عددا من القضايا الأساسية هي: علمانية الدولة المصرية، وتأييد معاهدة كامب ديفيد، والدفاع عن السلام مع إسرائيل، ومعارضة حركة حماس، والدفاع عن الرئيس السابق حسنى مبارك ورفض تقديمه إلى المحاكمة، والاصطفاف إلى جانب التيارات السياسية التي تعادي الإخوان المسلمين لإضعاف حضورها في المستقبل السياسي لمصر >> التعليمات إذن واضحة و جلية: العلمانية، اسرائيل حبيبة، جبهة احزاب ضد تيار ''التطرف'' ، و الدفاع على عملائنا. و الحقيقة هي أكثر عمقا و تتجلى في خدمة إسرائيل أولا و التبعية الإقتصادية و الثقافية و السياسية و العسكرية ثانيا. و كل من يتمشى مع منظومة التبعية و خدمة إسرائيل يصنف من الأصدقاء و المعتدلين، و يصبح مؤهلا لمراكز السلطة و الشهرة ، و كل من يخالفها يصنف  من الأعداء     ماذا قدم لاعبو المشهد السياسي الجدد و القدماء خدمة لإسرائيل    كما أسلفنا، فمن شروط التأهيل لمراكز السلطة و المناصب الهامة و الشهرة ، لابد من الإنتماء إلى منظومة التبعية و خدمة إسرائيل.  و في ما يلي بعض الأحداث و الدلائل اللتي تكشف بعض ما قدم القدماء من خدمة  لإسرائيل و تكشف من هم الجدد من اتباع هذه المنظومة  1) عندما إستقبل الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو  بورقيبة في قصر الإليزي قال له:<< أنت ربحت الإستقلال  بصداقتك لنا>> و لم يقل له بكفاحك و كفاح الشعب التونسي  : << vous avez gagné le pari de  l'indépendance grâce à votre amitié et sympathie>> 2) عندما توفي رئيس الحكومة الفرنسية منداس فرانس سنة 1982 تكشفت بعض الحقائق من خلال ذكر خصال وأعمال هذا الرجل، أهمها أن منداس فرانس هو الأب لإتفاقيات كامب دافيد بين مصر و إسرائيل. و الحقيقة اللتي تكشفت هي أن الفنان اللذي أخرجها إلى أرض الواقع هو بورقيبة من خلال إقناع السادات بها. و هذا يمثل خدمة عظيمة قدمها بورقيبة إلى  إسرائيل لم تكن لتحلم بها. و طبعا أعلن بورقيبة معارضته لهذه  الإتفاقيات عندما تم  الاعلان عنها، نفاقا كبقية رؤساء العرب   3) خلال احدى جلسات هيئة بن عاشور اقترح احد الاطراف ان يقع التنصيص في ديباجة العقد الجمهوري  على ان تونس ترفض التطبيع مع اسرائيل مادامت فلسطين محتلة فإذا بـ حوالي 40 عضوا من اعضاء الهيئة يرفضون مناقشة هذا الامر من اساسه تحت تعلة ابتعاد هذه النقطة عن فحوى الموضوع ثم ينضم اليهم عياض بن عاشور ليحذف النقطة من مسودة النقاش ثم يطلب من العضو الذي اثار النقطة عدم تناول الموضوع للاعلام والصحافة. عند فحص اسماء الرافضين للنقاش تبرز اسماء اعضاء حزب التجديد و ممثلات النساء الديمقراطيات يضاف اليهم مثقفون وسياسيون قريبون من التجمع وبارونات المال و اكاديميون على راسهم محمد عربي شويخة الذي زار اسرائيل والقى محاضرة في جامعة بار ايلان بتل افيف في ديسمبر 1999 وعبد الحميد الارقش الذي رافق شويخة في زيارته للكيان الصهيوني  4)و لذلك ليس من قبيل الصدف أن يكون جزء من اليسار ( وهو اليسار الفرنكفوني الإنتهازي:حزب التجديد و حزب الشابي و  نساء ديمقراطيات) قد تموقع في كثير من مواقع النفوذ منها الوزارية و الإدارية والإعلامية، و السيطرة الكاملة على لجنة بن عاشور و لجنة الجندوبي. و ليس من قبيل الصدف أيضا أن يكون محسن مرزوق العضو في هيئة بن عاشور  ،و المدير الإقليمي لبرامج مؤسسة فريدوم هاوس بشمال افريقيا التابعة للمخابرات الأمريكية ، أن يكون وراء مشروع العقد الجمهوري الذي يمثل إنقلابا على الديمقراطية و إرادة الشعب و هويته   5) لم يعد يخفى على أحد مدى علاقة بن علي الحميمة بإسرائيل بعدما  تكشفت عمالته للموساد  و تآمره على قيادات فلسطينية   و مازال القدماء من بقايا بورقيبة و بن علي و الجدد من التابعين يغرقون البلاد في التبعية الإقتصادية بالقروض و آخرها من عند ج8 و التبعية العسكرية والأمنية آخرها توقيع اتّفاقيّة تعاون بين وزارتي الدّفاع التّونسيّة و الدّاخليّة الفرنسيّة تتعلّق ببعث ما سمّوه ب"مركز عسكريّ للتّكوين المهنيّ" بولاية قفصة . و لا يسع هذا المقال لذكر آخرين من الأكادميين كالعفيف الأخضر و الفنانين كسهام بالخوجة  و السينمائين ...من منظومة التبعية و التطبيع مع إسرائيل     فضيحة كشف المستور و في وضح النهار تعيين و فرض السفير الجديد على عجل و بدون أدنى مشاورات مع الدولة التونسية و خرق البروتوكولات الدبلوماسية الدولية يفضح بالدليل القاطع أن المسئوولين الفرنسيين يعتبرون تونس فعلياً محافظة فرنسية و لا سيادة لها حتى تحترم. و الغريب في الأمر أنه لم يقع أي رد فعل من طرف الدولة التونسية. و هل يستطيع التابع أن يلوي العصا في يد سيده و ولي نعمته؟ لماذا بوريس بوالن  بالذات سفيرا بتونس ؟  إن أهمية بوريس بوالن تكمن في أنه إشتغل بوزارة الداخلية الفرنسية، و إشتغل كسفير في العراق اللذي اشتعل نارا بفعل إثارة الفتن الطائفية، و في معرفته بما يدور في كواليس هذا البلد ، و في درايته بخبايا و مناورات اللعبة الديمقراطية اللتي طبقت فيه. وهو القائل أن العراق هو مخبر الديمقراطية في البلاد العربية سؤال مطروح  و بإلحاح لماذا كل هاته العجلة في تعيين بوريس بوالن؟  ما اللذي جعل سركوزي يرمي عرض الحائط و في وضح النهار ببروتكولات الدبلوماسية الدولية و سيادة الدولة التونسية ؟ أهي الحاجة العاجلة إلى من يدير هذه المرحلة الحرجة و من  يدرس و يحلل و يقيم و  يخطط و ينسق و يعطي الأوامر للتنفيذ ؟ فهل من تفسير مقنع  ؟    من هي الحكومة الخفية ؟  من البديهي أن تكون الحكومة الخفية من الأطراف الخارجية و الداخلية اللتي يمكن أن تتضرر من إنتصار الثورة. و من البديهي أيضا أنه في ظل وجود حكومة خفية مركزية أن تكون حكومة الواجهة أي حكومة الباجي غير منسجمة و مذبذبة في قراراتها و مواقفها. و هذا ما شاهده الجميع في مواقف السبسي:وعلى سبيل المثال (و الأمثلة عديدة)  كان الباجي حازما في قمع مظاهرات الشباب لفرض '' هيبة الدولة '' ،لكنه كان مذبذبا و غير مكترث لمذبحة المتلوي. و قد كان من المفروض على رئيس حكومة مسؤول يملك القرار السياسي أن تكون  هذه المذبحة  هي أول ما يشغل باله و أول ما  يتحدث عنه في خطابه، وكان من المفروض أن يعلن الحداد في البلاد ، و يقيل وزير الداخلية و يفتح تحقيق مستقل للوقوف على كل المجرمين و كل مسؤولي الداخلية و الجيش اللذين لم يتحركوا في الوقت المناسب و لم يلبوا حتى النداءات لوقف هذه الجرائم البشعة. و  من المستبعد جدا أن تكون الداخلية لوحدها أو  رشيد عمار  من يدير الحكومة الخفية  نظرا لعدم الإنسجام بينهما، بل هناك تنافر بينهما، و لكن  مع ذلك نلاحظ أن الأمن و الجيش يمتثلان لنفس الأوامر عند كل حدث يخص أمن المواطن بعدم التدخل. و هذا ما يوحي بوجود  جهة أخرى تصدر الأوامر للإثنين. كمال اللطيف و حكومة الظل لهم دراية بالمشهد السياسي و لاعبيه ، و لكن  ليس لهم دراية و تجربة في حبك و تخطيط مؤامرات من نوع الذهيبة اللتي تتطلب أيادي خفية متعددة ، و كذلك بالنسبة لمذبحة المتلوي. كل هؤلاء لا يمكن إلا أن يكونوا أدوات تنفيذ لحكومة خفية    ما هو الحل ؟ لقد أصبح من المعروف من خلال كل الأحداث الكبرى اللتي عاشها العالم ، أن المنطق اللذي يسود العالم اليوم يقول أنه لا مكان للضعيف. فالمصنفون في قائمة الأعداء حسب منظومة التبعية يداسون و لا يقام لهم وزنا إذا كانوا ضعفاء ، و يتفاوض معهم إذا أثبتوا أنهم أقوياء،  أما الموالون للتبعية فتملى عليهم الأوامر و يطبقونها و هم صاغرين. الحل إذن هو النزول إلى الشارع  في تحركات سلمية ، و وحدة كل فئات الشعب و وحدة طلائعه من شرفاء الشباب و النقابات و الأحزاب و الجمعيات المهنية و الحقوقية و الإلتفاف حول مطالب الثورة و الإبتعاد عن الحسابات الضيقة، و وضع مصلحة البلاد فعليا لا كلاميا فوق كل إعتبار حزبي أو فكري، و تكوين  جبهة من الأحزاب الوطنية الشريفة  بإستراتيجية موحدة و مواقف و بيانات واحدة تصدر  باسم الجبهة إلى حين استجابة الحكومة الخفية إلى مطالب الثورة. و من البديهي أن الحكومة الخفية لا تستجيب إلى مطالب الثورة إلا بمقدار الضغط عليها و بمقدار خوفها من فقدان السيطرة على مقاليد الأمور

mercredi 4 mai 2011

ما لم يقله البرنامج التلفزي دولة الفساد



اعتبره البعض جرأة متقدمة واندهش العديد من المواطنين من طريقة الطرح وتعجب البعض الآخر منخفايا الرجل الأول في الدولة المهزوم والتي تكشف لأول مرة مدعومة بالوثائق ولكن قلة قليلة جدا تساءلت لماذا هذا البرنامج من حيث المضمون؟ ولماذا ذلك العنوان"دولة الفساد"؟ ولماذا في مثل هذا التوقيت بالذات؟ وأضيف على هذه التساؤلات لماذا عماد قمعون بالتحديد؟؟
للغوص في خباياهذا الشريط الوثائقي اخترت الاستعانة ببعض الأمثلة الشعبية والعربية دقيقة الدلالة تعين على توجيه البوصلة أولها المثل القائل " من نفقتو باين العشاء"والمثل القائل " البعرة تدل على البعير" وتأسيا بالمثل القائل "تبع الغرزة" فلنبدأ تشريحنا للملف من العنوان، فكلمتي "دولة الفساد" كما قدمه معد البرنامج أريد منهما حصر  الفساد وكل الخراب والاجرام والتنكيل والاستهتار بكرامة المواطن وبمقدراته والإساءة للوطن داخليا وخارجيا في شخص واحد أوحد ألا وهوالرئيس المخلوع وهو الأمر الذي لم يقدر على فعله  فرعون نفسه الذي كان يستعين من أجل أن يحكم و يسود بوزيره هامان وبالسحرة  وبالعسكرالذي كان يمثل عصاه التي يضرب بها كل خصومه وكل معارضيه هذا من ناحية أما من ناحية أخرى فإقران كلمة الفساد وبكلمة دولة يقتضي التعرض للإدارة والأجهزة والدواوين والوزارات التي لم تكن تشتغل بدون موظفين ولا مسؤولين ولا مدراء  وعليه فإن عملية التغاضي عن كل هؤلاء من طرف معد البرنامج وتركيز الحديث وحصره في شخص الرئيس الهارب يجعلنا نتساءل هل هو مجردخطأ عفوي أم سياسة تدفع نحو إخراج العديد من المسؤولين الواجب محاسبتهم من ذاكرة المواطن.
وتتبع الغرزة يستدعي منا الوقوف عند الصفة الحزبية للرئيس المخلوع  فالكل يعلم أنه رئيس التجمع الذي بواسطته ومنخلاله كان قابعا وجاثما على رقاب العباد في المدن كما في الأرياف مبتزا للمثقف والمتعلم قبل الأمي والبسيط فهو الجباية الموازية والزبلة والخروبة الموازية وهو الجهةالرسمية الساهرة على صناديق النهب حيث تقود لها المواطنين بالإكراه والترهيب بمناسبة وبغير مناسبة حتى أصبح ديسمبر أثقل الأشهر عند كل المواطنين هذا الحزب الحاكم المسبح باسم رئيسه الذي ليس مثله أحد  تحول إلى أداة بطش وابتزاز للشعب ومن غيرالمنطقي أن يتم التغافل عنه وعدم التعرض لرموزه ودورهم في الخراب الذي لحق البلاد والحقيقة كاملة أو لا تكون ولا يقام عدل على نصف الحقيقة أو جزء منها ولا يمكن لبرنامج  وثائقي أو توثيقي وبمثل ذلك العنوان إغفال جهاز بمثل دلك الحجم إلا إذا كان معد البرنامج تعمد مرة أخرى منحى إبعاد مجموعة أو جهات معينة عن دائرة المحاسبة وذلك بالتركيز على رأس الفساد فقط وهو أمر لا يستقيم قانونا ولا أخلاقا.
المسألة الثالثة المثيرة للانتباه في هذا البرنامج  تتعلق بالمقدم نفسه الذي مجرد ظهوره  على الشاشة وبهذ آلشكل من الأعمال يرجع بذاكرتنا وذاكرة كل الذين عايشوا فترات قمع الاسلاميين  البرنامج السيء الذكر "المنظار" حيث كان عماد قمعون مشتركا في إعداده وتقديمه جنبا إلى جنب مع زميله الشلي واللذان ساهما بشكل كبير في تسميم الرأي العام وتأليبه ضد شريحة من المواطنين ذنبهم أنهم طالبوا بحقهم في التنظم وبحرية التعبير لقد كان وقع ذلك البرنامج أقوى من عصى الجلاد وقيد السجان حيث تعدى أثره المعتقلين والمسجونين إلى عائلاتهم وذويهم وأقاربهم الذين شوههم البرنامج وجعلهم ارهابيين ومنبوذين من طرف المواطن البسيط الذي لم يكن يقدر على عدم تصديق تلك الأباطيل نظرا للإخراج المدروس بكل حنكة ودقة، اليوم والجراح لا زالت مفتوحة ولمتندمل،  نكتشف أن التلفزة التونسية وإن غيرت اسمها فإنه لا زال ينتظرها الكثير حتى تعيد الأمور إلى نصابها فيما يخصطاقمها البشري فظهور عماد قمعون بنسخة من برنامج المنظار فيه تحد كبير لمشاعرعشرات الآلاف من التونسيين لا تقل في شيء عن ظهور عبد الله القلال على الشاشة ليلة هروب الطاغية من تونس أما الأخطر من هذا كله هو الرسالة التي قد يريد لها أصحابها أن تصل إلى الجماهير بطريقة غير مباشرة وكأن لسان حالهم يقول للشعب "إ ن أسلحتنا وأساليبنا لا زالت موجودة وهي جاهزة لخدمة الهدف الذي نريد وبالكيفية التي نريد وها نحن نقدم لكم كبش فداء كان يمكن أن يقدمنا هو ويضعنا أكباش فداء فاكتفو بهذا الكبش الثقيل الوزن والبقية لعلكم تقرؤنها في خفايا البرنامج.
مثل هذه الأساليب كان لها أن تنطل في السابق أما اليوم فشعب الكرامة والثورة وأبناء الفيسبوك يمثلون الحصن الحصين أمام كل أنواع وأشكال الارتداد فقط بين مرة أخرى تلاميذ العهد البائد أن منهج الشخصنة عندهم متغلغل ولم يتخلصوا منه فمن التمجيد للشخص ورد كل فعل وكل فكر إليه فكنت لا تسمع سوى بأمر من سيادته..وقد أذن سيادة الرئيس.. وبطلب منفخامته...والأمثلة كثيرة،  إلى الشخصنة عند توجيه الاتهام بحصر وتجميع كل الفساد ورده إلى شخص فقط وهذا أبشع أنواع التملص منالمسؤولية فإن كان كل الذين ساندوا وناشدوا وأيدوا وطبلوا وزينوا وشاركوا في إيصال البلاد إلى هذا الوضع من الانهيار فاقدين للإرادة وغير قادرين على الإفصاح عن رأيهم بقول لا للطاغية فالأولى والأمثل والأحسن لهم اليوم أن يتقاعدوا عن أي نشاط سياسي ونقابي عام وخاص  وليتركوا شأن البلاد لمن دفع غاليا من جهده ودمه وحياته وعمره ممن سجنوا وشردوا وأهينوا ولشباب و كل أبناء ثورة تونس المباركة .


الحبيب ستهم

La finance internationale fait pression pour une contre-révolution en Tunisie






Le processus de réformes politiques en Tunisie écarte du pouvoir les figures trop liées, aux yeux des masses, au dictateur Ben Ali, tombé en janvier dernier. Cependant, il vise avant tout à justifier le maintien des conditions sociales contre lesquelles les Tunisiens se révoltent, dans l'intérêt des bourgeoisies nationale comme étrangères – et notamment française.


Ainsi, le gouvernement de transition tunisien a proposé d'interdire à ceux qui avaient détenu des postes à responsabilité au cours des dix dernières années dans le parti de l'ex-président Ben Ali, le Rassemblement démocratique constitutionnel (RDC) maintenant dissout, de participer aux prochaines élections prévues pour le 24 juillet. Il est également question d'exclure les membres du gouvernement précédent, ses conseillers et ses attachés.


Ces propositions sont une réaction à la mobilisation continue de la classe ouvrière tunisienne, une tentative tardive et symbolique de se distancier du régime de Ben Ali. Chokri Belaid du Mouvement des patriotes démocrates (MPD) et Abdellatif el-Mekki, membre du Bureau exécutif du parti islamiste Ennahdha, ont tous deux refusé de s'associer à cette décision limitée, prévenant le gouvernement qu'elle était loin de suffire à contenter la population et qu'ils craignaient une « nouvelle vague de contestations ».


Le Premier ministre d'intérim, Beji Caid Essebsi, a adopté une position distante vis-à-vis de la proposition, déclarant que les ex-membres du RDC « ne devraient pas être empêchés de se présenter à ces élections, s'ils ne sont pas condamnés par la justice. » Il a également insisté sur la nécessité de garantir un « climat social et économique adéquat » pour ces élections.


Sa réaction est la conséquence d'une pression croissante de la finance internationale, pour que l'exploitation des travailleurs tunisiens reprenne de plus belle le plus tôt possible. Dans ce contexte, le pouvoir tunisien mène un chantage économique envers son propre peuple, et s'appuie sur le soutien de tous les partis ayant un tant soit peu d'écho dans les masses, qu'ils soient "de gauche" ou islamistes. Essebsi a ainsi exprimé son inquiétude envers les sit-in, manifestations et grèves qui se poursuivent dans le pays, disant clairement que cela allait diminuer les investissements. Il y aurait eu 110 faits de blocages d’autoroutes et lignes de chemins de fer par des manifestants ces derniers mois.


Les principaux motifs d'inquiétude cités par Essebsi sont le cas de British Gas, qui fournit près de la moitié de la consommation nationale en gaz, où les grèves se sont multipliées parallèlement à un blocage de l'usine par des habitants proches exigeant des emplois ; le blocage du port de Sfax par des marins ; et des émeutes dans la région de Zarzis après l’arrestation des organisateurs d’un réseau d’immigration clandestine.


Les institutions internationales commencent à faire sentir leur impatience. La Tunisie a été invitée à participer à la prochaine réunion du G8 qui se tiendra en France (l'ancienne puissance coloniale de la Tunisie et qui est actuellement à l'initiative d'une intervention impérialiste en Libye voisine). Pour Essebsi, c'est « un motif de fierté pour tous les Tunisiens ».


Le message qui y sera délivré au gouvernement tunisien sera dans la lignée de celui donné lors des assemblées de printemps de la Banque mondiale (BM) et du Fonds monétaire international (FMI). Ceux-ci, qui qualifiaient la Tunisie de « bon élève » sous Ben Ali, ont annoncé une aide budgétaire de 500 millions de dollars accordée au pays, qui devrait « générer 700 millions de dollars supplémentaires dans le cadre d’une nouvelle approche proactive. » Le contenu de cette "approche proactive" sera de « supprimer toutes formalités inutiles pour la création d’activités, » c'est-à-dire essentiellement de poursuivre les réformes économiques libérales.


La Tunisie n'aura qu'une croissance de 1,3 pour cent cette année d'après le rapport sur les perspectives économiques globales du FMI et de la BM, contre 5 pour cent de moyenne sur les dix dernières années. La baisse des exportations vers l'Europe après la crise économique avait déjà fait chuter cette croissance à 4,6 pour cent en 2008 et "entre 3 et 4 pour cent" en 2009-10 (source CIA World Factbook).


Le FMI anticipe une reprise à 5,6 pour cent l'année prochaine, mais cela ne lui suffit pas : « Le rééquilibrage n’est pas en train de se faire aussi rapidement que nous le souhaitons. Et il faut encore plus d’efforts pour soutenir l’exportation, la consommation et l’investissement, » a déclaré Olivier Blanchard, économiste en chef au FMI.


La hausse des salaires est une option exclue d'emblée par le FMI : Ahmed Masood, directeur du département MENA au FMI a déclaré que la hausse des salaires ne pourrait pas constituer une solution, en l’absence d’une augmentation encore plus importante de la productivité.


Le ministre des Affaires étrangères français, Alain Juppé, a organisé à l'Institut du monde arabe à Paris un colloque le 16 avril sur le thème du « printemps arabe, » réunissant les ambassadeurs de France, des chercheurs et des "acteurs" de ces révolutions, dont des représentants de partis islamistes arabes. Ces partis n'ont joué pratiquement aucun rôle dans les mouvements initiaux, mais les puissances impérialistes les considèrent maintenant comme un moyen acceptable de canaliser le mécontentement populaire—à condition de donner quelques gages de bonne conduite aux impérialistes.


Ainsi, lors de ce colloque, Mohamed Ben Salem, représentant du parti Ennahdha, a déclaré qu'il « ne vise pas l'hégémonie » et s'est prononcé pour la parité hommes-femmes lors des élections, rejoignant le souhait du gouvernement et des groupes de défense des droits de l'Homme.


Pour autant, la politique qui sera ainsi appliquée avec la participation des islamistes et des féministes sera fondamentalement anti-ouvrière. Toujours dans ce colloque, deux militantes tunisiennes des droits de l'homme, Souhayr Belhassen et Radhia Nasraoui, se sont publiquement inquiétées des risques de « contre-révolution » dans leur pays.


En fait, elles adhérent complètement au chantage économique du gouvernement. Leur inquiétude tient à « l'incohérence et l'instabilité du processus démocratique qui tend à la disparition de l'État ; l'appauvrissement économique alors que l'activité industrielle et touristique tarde à reprendre ; le désenchantement. En outre, certaines structures et pratiques de l'ancienne police politique semblent se remettre en place. » C'est-à-dire que pour éviter la répression contre-révolutionnaire, elles militent pour l'acceptation par la population d'une politique économique brutale.


Quelques mois à peine après la révolution qui a chassé Ben Ali, l'intégration de la nouvelle couche de jeunes petits-bourgeois "révolutionnaires" tunisiens dans le système impérialiste français est déjà bien en marche. Ce lien transparaît clairement dans une visite « express » de Juppé en Tunisie le 20 avril, pour accorder un prêt de 350 millions d'euros.


Juppé y a trouvé le temps pour un dîner « avec quelques bloggeurs chevilles ouvrières de la révolution, », selon l’AFP, puis de partager son petit-déjeuner le lendemain matin avec des hauts responsables du nouveau régime, dont Yadh Ben Achour, président de la Haute commission de réformes politiques, et connu comme expert en droit public et en théorie politique islamique.


Les ministres tunisiens des Finances, du Commerce et du Tourisme, du Transport et de l'Équipement et de la Formation professionnelle et l'Emploi se sont ensuite rendus à Paris le 26 avril, pour garantir la pérennité de leurs investissements à 300 chefs d'entreprises françaises réunis au siège du MEDEF. « Nous sommes venus dire que la Tunisie est en train de changer en mieux et que les opportunités futures seront encore plus rentables et plus intéressantes, » leur a déclaré Jalloul Ayed, ministre tunisien des Finances.


Essebsi a résumé son chantage en déclarant que, « La révolution tunisienne peut mener à la guerre civile comme elle peut mener à la Démocratie, » en clair : si la classe ouvrière ne se contente pas de ces changements cosmétiques, et ne reprend pas le travail dans des conditions largement similaires à celles qui régnaient sous Ben Ali, l'usage de la force sera envisageable pour ce gouvernement capitaliste.


par Abu Dhiya, mercredi 4 mai 2011, 16:40

mardi 12 avril 2011

ويسألونك عن التغيير

من الواضح الآن، أن تونس الخضراء، يشهد أهلها أجواء من الحريات، لم يخبرها معظمهم، منذ عهد استقلال الدولة، من الاستعمار الفرنسي في العام 1956، فشباب التغيير نشأوا على أواخر استبداد عهد الحبيب بورقيبة، وعلى كل ديكتاتورية عهد الرئيس الهارب بن علي، وكمثال بسيط، ندلل به على أجواء الحرية المعاشة اليوم في تونس، يكفي أن نعرف، أنه منذ مغادرة الرئيس الهارب، إلى غير رجعة «كريمة»، فقد تشكل نحو 50 حزبا سياسيا خلال شهور ثلاثة. 

ومن الواضح أيضا، أن تركيز شباب التغيير، أصبح منصبا اليوم، على اجتثاث بؤر الفساد، التي زرعها الرئيس الهارب، في عرض البلاد وطولها، بمعنى أن فتح ملفات الفساد هو البند الطاغي على بقية بنود أجندة شباب التغيير. 

ومن يتابع يوميات الثورتين التونسية والمصرية، يلاحظ بسهولة أن هناك تشابها في تعامل شباب التغيير، مع السلطتين المستبدتين القائمتين في بلديهما، فالبداية كانت مطالب حياتية، كمعالجة البطالة والفقر، فتقوم السلطتان بصد التحركات الشبابية بالقوة رغم سلميتها، ومن ثم تسيح الدماء في الميادين، وتزيد الاعتقالات، ويرتفع عدد الشهداء، فترتفع معها المطالب بضرورة «اسقاط النظام»، وما هي إلا أيام، ويسقط النظامان. 

بعدها على الفور، وبعد أن التقط الشعبان أنفاسهما، فتحت ملفات الفساد على مصاريعها، ففي تونس قام مجلس حماية الثورة، ومن قبله الحكومة المؤقتة، بملاحقة أرصدة الرئيس الهارب في كل أرجاء العالم، عبر اجراءات قانونية معتبرة، بل وصل الأمر إلى تقديم طلب لتسليم الرئيس الهارب من أجل محاكمته على الأرض التي عاث فيها فسادا، هو وأسرته، وعصابته الأقربون. 

ومن المشاهد المقززة التي لايمكن أن ينساها الشعب التونسي، وتعبر عن واحد من أكثر مظاهر الفساد الفاحش والفاجر، هو اكتشاف المخابئ السرية في أحد قصور الرئيس الهارب، والتي كانت تحوي أكواما من الأوراق النقدية من مختلف العملات الرئيسية، جنبا إلى جنب مع المجوهرات الماسية والذهبية الباذخة ! يقول لي صديق تونسي: هل تصدق أن خلف هذا القصر، بمئات الأمتار، بيوت متهالكة، مكتظة بمواطنين فقراء، يعانون من الجوع، بينما ينام الرئيس الهارب وزوجته وأولاده وسط تلال من الأموال والمجوهرات؟! 

إذن، الفساد هو القضية الملحة بعد سقوط الأنظمة المستبدة، بل قل ان الفساد هو من أسقط تلك الأنظمة المتهاوية

زايد الزيد

lundi 11 avril 2011

استراتيجية التوتر وتطبيقها على الشعوب الثائرة


لا تبدو الأمور واضحة للجميع في تونس. ويعتقد الكثيرون أن كل شيء على ما يرام وأننا نتحرك ببطء نحو حقبة من الحرّية غير المسبوقة ، والتي ستزدهر قريبا في ظل الديمقراطية. هؤلاء يعتقدون أنّ على غيرهم التوقف عن التباكي و رؤية الشرّ في كل مكان. لكنهم يقولون أيضًا أنه يجب علينا أن نظل يقظين وأن تبقى أعيننا مفتوحة. هناك خيار ينبغي تحديده بين اليقظة والقلق اللذين يتسبّبان في العمل، أو الثقة التي تؤدي إلى فتور الحريّة ووفاتها.


لم يعد هناك وقت للثقة، فالثقة لا قيمة لها ما لم تقترن بالأفعال. لا يحتاج جهاز بقوّة الدولة لأكثر من من أسبوع لتفعيل القرارات والإرادات، لكن قريبا ستكون قد مرّت ثلاثة أشهر على ثورتنا المفترضة. ما الذي فعلته هذه الثورة عدا التغيير الشّكلي لمالكي الدّولة؟


إنّهم يضحكون على ذقوننا.. وشئنا أم أبيْنا فذلك هو الواقع السّياسي في تونس ما بعد الثّورة. ما يحدث منذ مدّة في البلاد له إسم مُحدّد: استراتيجيّة التوتـّر.. وهي إحدى أساليب الثورة المُضادّة التي وُضعت في أواسط ستّينات القرن الماضي لمواجهة الزّخم الثوري الشّعبي الذي كان يُريد التخلّص من رواسب الأنظمة الفاشيّة التي بقيت بعد الحرب العالميّة الثانية.


الأمر ليس بأسطورة تُستعمل لإثارة الذعر، بل هي بيانات استراتيجيّة وتاريخيّة يمكن التحقق منها بسهولة، وعلاوة على ذلك، هي مادّة يتمّ تدريسها في أغلب المدارس العسكريّة في العالم.


ماهي استراتيجيّة التوتر؟ إذا أردنا تفسير المبدأ باختصار سيكون من الكافي تشبيه المجتمع بلولب في حالته الطّبيعيّة المسترخية (أي أنّ التحكّم فيه يكون سهلاً). هذا اللولب يتقلّص بفعل الإضطرابات الإجتماعيّة والإحتجاجات الشّعبيّة (وهو ما يمثــّل تحدّيا للسّلطة الحاكمة). ولكي لا ينكسر اللولب، تنكبّ السّلطة على زيادة التوتّر بأساليبها الخاصّة والمصطنعة إلى أن تبلغ النّقطة التي تعتبرها غالبيّة المجتمع النّقطة القصوى للتوتر، والتي تخشى بعدها الكسر النهائي أو الذي لا يمكن إصلاحُه.


بعبارة أخرى، تتمثل استراتيجيّة التوتر في تحكّم السلطة السياسيّة بانفعالات مجتمع ما بُغية تنظيم مصطنع للتوترات الإجتماعيّة والشّعبيّة صُلب نفس المجتمع، وذلك حتّى لا يضيع عليها التحكّم في المجتمع ولا سلطتها السّياسيّة عليه.


تطبيق هذا المبدأ على جميع الأحداث الاجتماعية والسياسية الجّارية في تونس سيجعل أكثر وُضوحًا. فمن تكاثر الأحزاب السّياسيّة (الذي لا يمكن أن يكون مصادفة بريئة) إلى تهديدات "المتطرّفين دينيّا"، ومُرورًا بالنقاشات حول مواضيع جانبيّة لا لُزوم لها ولا تُثير سوى الجّدل (كالعلمانيّة)، كلّ هذا تمّ تقطيره بطريقة ماكرة وقريبة إلى السّحر طيلة الشّهر الماضي، وتمّ نشره في المجتمع عبر المكان الوحيد الذي تمّ الحفاظ عليه دون أيّ تغيير: الصّحافة والتلفزيون.


تكاثر الأحزاب السّياسيّة


ها نحن أمام أكثر من خمسين حزبا سياسيّا في تونس اليوم. يُذكر أنّ أحد أوّل الأحزاب التي حصلت على ترخيص جديد هو حزب النّهضة الذي سبّب ضجّة كبيرة، ثمّ سمعنا عن حزب "الوطن" لجغام وفريعة، ثمّ أخيرًا "المبادرة" لكمال مرجان.


طبعًا، هذا التكاثر الغير مقيّد ليس بسبب السّلطة نفسها، ولكنّه يساعدنا في إضافة بُعد هامّ في نظريّة "استراتيجيّة التوتـّر" وهو "الوكيل اللاإرادي" أو "الأبله النـّافع". فعندما ترغب السّلطة في نزع فتيل التوتر تلجأ عادة إلى مثل هؤلاء "الوكلاء"، وهُم الأفراد أو المجموعات التي تظنّ أنّها تتحرّك من أجل فكرتها ومصالحها الخاصّة ولكنّها في النهاية لا تفعل أكثر من تحقيق مصالح ليست لها حولها أدنى فكرة.


وبالعودة إلى مسألة الأحزاب السّياسيّة، لا شكّ أنّ العديد من الأفراد دفعتهم المثاليّة السّياسيّة أو الطّموح المُفرَط أو الرّغبة التي طالما أحبطتها سياسة الحزب الواحد إلى الشّروع في مغامرة إنشاء حزب سياسي، إلاّ أنّ دور هذه الحكومة الإنتقاليّة يكمُن في ضمان الإنتقال السّلس و إجراء الإنتخابات في أفضل الظّروف الممكنة. ولسائل أن يسأل: لماذا تتشابه أغلب الأحزاب التي سلّمتها هذه الحكومة تراخيصًا كتشابه قطرات الماء؟ لقد كان على هذه الحكومة أن تنظّم إنشاء هذه الأحزاب بطريقة فعليّة، وذلك بالرّبط بينها وبين مؤسّسي الأحزاب الصّغيرة المتشابهة.


ونجد أنفسنا اليوم أمام عدد مُضحك من الأحزاب السّياسيّة التي يخلو أغلبها من المناضلين والتي لا يعرف أحدٌ عنها شيئا. يخلق هذا العدد لدى الشّعب مناخًا من القلق والذعر، مناخٌ يعمل المعلّقون في وسائل الإعلام على تأجيجه بتكرار هذه الفكرة "هذا الثراء لن يؤدّي إلاّ إلى تشتيت الأصوات في الإنتخابات القادمة، وهذا التّشتيت سيسمح للمتطرّفين بالصّعود".


التّهديد بالمتطرّفين دينيّا


منذ عودة راشد الغنّوشي، خيّم على تونس - أو على الأقلّ جزء من تونس - طيف الإسلام السّياسي. فمِن المظاهرات أمام بيوت الدّعارة إلى صلاة الجّمعة في شارع الحبيب بورقيبة ومرورًا بالمظاهرة أمام الكنيس اليهودي و الحوارات التّلفزيّة المُكرّرة والممجوجة مع الشّيخ مورو، لا يُدَّخـَرُ شيء للإيهام بأنّ متشدّدي الإسلام السّياسي في كلّ مكان وجاهزون للإنقضاض على السّلطة.


ويمثّل كلّ هذا عنصرًا أساسيّا في أيّ استعمال لاستراتيجيّة التوتر: يتمّ تضخيم "عدوّ يتربّص بالقيم الأساسيّة للمجتمع" بطريقة تجعل هذا الأخير يشعُر بالعزلة والغرق. الميزة الأساسيّة لهذا العنصر هي أنّه يقسم الشّعب إلى قسمين ويجعل الآراء أكثر تطرّفا، ولا داعي هنا للتذكير باستعمال الرّئيس الفرنسي فرونسوا ميتران للجّبهة الوطنيّة خلال الثّمانينات حتّى يصل إلى ولايته الثّانية.


مرّة أخرى يجدُر التساؤل: لماذا؟


لماذا تستمرّ هذه الحكومة الإنتقاليّة في شيطنة وتشويه نوع معيّن من المعارضين السّياسيّين وفي نفس الوقت تترُك المجال لأولئك "المحتجّين" الذين لا يحترمون القانون؟ 
لماذا تتعامى الشّرطة عن المتطرّفين الذين يزرعون الفوضى ولا تعتقل إلاّ النشطاء الشبّان الذين يعبّرون عن رأيهم بطريقة سلميّة؟


مرّة أخرى، لا يعني هذا أنّ هؤلاء المتشدّدين غير موجودين فعلاً كقوّة سياسيّة، ولا أنّهم مدفوعو الأجر أو مُرسلون من طرف هذه الحكومة، كلاّ! ولكنهم أيضا جزء من "البُلهاء النّافعين" الذين تترُك لهم السّلطة الحبلَ على الغارب. وفي نفس الوقت الذي تنتشر فيه فيديوهات "إنجازاتهم"، لا تبخل عليهم وسائل الإعلام بمزيد نشرها.. وها نحن في درجة إضافيّة من الذعر الذي أصاب المجتمع المُرتعب أصلاً.


لجنة الفراغ


الحديث هنا حول اللجنة ذات الأسماء المتنوّعة والمتغيّرة والتي يرأسها بن عاشور. لو كانت لدينا حقا ثورة مكتملة لكانت هذه اللجنة هي المجلس التّأسيسي. لكن بدلا عن ذلك، لدينا الآن ما يُشبه وحشا برأسين.. عاجزٌ ولا يشبه شيئا.. وخاضع تمامًا لإرادة إثنين من الطّاعنين في السنّ وجدا نفسيهما على رأس دولة تحاول النّجاة من العاصفة الثوريّة التي هبّت عليها.


ها نحنُ إذن مع لجنة يُنتظر من أحد رأسَيْها أن يُقدّم إقتراح قانون انتخابي للرّأس الثاني (الذي لا يعرف شيئا أكثر من ذلك)، ثمّ في نهاية المطاف، ستخضع مماطلات هذين الرّأسين معًا لقرار العجوزَيْن الذيْن يرأسان الحكومة.


كنّا نودّ أن يتمّ كلّ هذا بشكل جيّد ودون مخاوف، إلاّ أنّ هذه اللجنة ذاتها مصدرٌ للقلق والتوتّر لدى جزء من التونسيّين الذين لم تتمّ توعيتهم سابقا بالمسائل القانونيّة المتعلّقة بسير الإنتخابات، والذين يبقى تمثيلهم داخل هذه اللجنة محلّ تساؤل إلى اليوم.


أغلب المعلومات المتعلّقة بهذه اللجنة تتحدّث عن توترات داخلها وخلافات بين أعضائها و نصوص قانونيّة لا نعرفُ مَن اقترحها ولا مَن كتبها ولا مَن سيصوّت عليها. هذا الغموض حول آليّات عمل هذه اللجنة، مضافًا إلى صعوبة الموضوع نفسه لدى المبتدئين، يقودان الشّعب إلى خشية حدوث الأسوأ في الإنتخابات القادمة. ورغم أنّه من المفروض أن تكون هذه الإنتخابات خطوة تثير التفاؤل، يُنظر إليها الآن كمصدر للقلق والرّيبة. 


المواضيع المُصطنعة المثيرة للشّقاق


يتمّ إقحامنا كلّ يوم في مناقشة عامّة لمواضيع مُستوردة و مُصطنعة تمامًا ولا علاقة لها بخطورة واقعنا السّياسي، ويبدو الأمر وكأنّ مناقشي هذه المواضيع من سياسيّين يُريدون إبعاد الرّأي العامّ عن القضايا الحرجة فعلاً في تونس. 


ها نحن إذن عالقون في مسائل سخيفة تُخلّف في أفضل الأحوال إحساسًا بالغُربة عن المشهد السّياسي في البلاد، وفي أسوئها شعورًا بأنّ السّياسة مثل كرة القدم؛ أي 
أرضيّة يُمكننا إختيار أحد جانـِبَيْها والتنازع بطريقة عبثيّة للوصول إلى هدف يشفي الغليل. وهذا ما تتـّسم به تلك النقاشات ذات العُقم الفادح والتي تبقى غير مثيرة للإهتمام رغم الحاجة إليها.


إنّ التهديد بضرب القيم الأساسيّة للمجتمع التونسي (أو ما يُروّج لها على أنّها كذلك) لا يُضيف سوى المزيد من الإحتقان وكراهية الآخر.


وسائل الإعلام


تُساهم هذه الوسائل (التي لم يتغيّر مالكوها ولا مسيّروها ولا مديرو برامجها) بصفة محوريّة في استراتيجيّة التوتر، فهي النقطة المركزيّة التي تنطلق منها بقيّة النقاط المذكورة في هذا المقال. 


وتجدر الإشارة إلى أنّ التواطؤ بين السّلطة ووسائل الإعلام لا يزال على حاله، كما كان قبل 14 جانفي 2011. فبالنّسبة للقناة "الوطنيّة"، لا داعي لمزيد شرح كيفيّة التواطؤ ولا الغاية منه. أمّا بخصوص قناة "حنّبعل"، فقد كانت الضّربة التي وُجّهت للعربي نصرة في أيّام الثورة الأولى كافية لضمان ولاء قناته للنظام الجّديد. ويبدو أنّ طارق بن عمّار (أحد مالكي قناة نسمة) يستثمر الثّورة بطريقة تجعله غير مطالب بتقديم براهين على تواطئه وقناته مع الحكومة الإنتقاليّة.


ومن الواضح على أيّ حال أنّ على استراتيجيّة التوتر أن تتمكّن من السّيطرة على وسائل نشر المعلومات حتّى تكون فعّالة. إذ بغياب هذه السّيطرة لن تكون المعلومات نفسها وقد يتمكّن التونسيّون من إكتشاف الخداع والتلاعب.


وَجب إذن على الثوريّين أن يفهموا أنّ الثورة من الآن فصاعدًا ستتمثّل في تحرير وسائل الإعلام ونشر المعلومة الصّحيحة. ولهذا السّبب لم تتمكّن سهام بن سدرين بعدُ من الحصول على رخصة بثّ إذاعة "كلمة" على موجة الآف آم.. و لنفس السّبب لا تزال سمعتها تتعرّض للتشويه كما كان الأمر في عهد بن علي. ولنفس السبب أيضًا تعرّضت مذيعة واحدة - ثوريّة فعلا - في الإذاعة الوطنيّة للإزعاج من طرف إدارتها.


الهدف من استراتيجيّة التوتر 


من الواضح أنّ الهدف من استراتيجية التوتر التي يجري تطبيقها في تونس هو الحفاظ على خوف عميق داخل المجتمع لإبقائه مُقسّمًا ومجزّءًا. لكن هل تستهدف هذه الاستراتيجيّة الشّعب التونسي كاملاً؟ كلاّ!


الهدف المباشر لهذه الاستراتيجيّة ليس سوى جزء صغير من الشّعب، وهو تلك الطّبقة التي تمّ اختراعها بغرض خدمة السّلطة والتي نسمّيها مخطئين "الطّبقة الوسطى"، أي تلك الفئة التي يُقيم أغلب المنتمين إليها في المدن الكبرى والتي تتمكّن بعملها الشاقّ من البقاء داخل معايير الحياة الغربيّة، والتي منحها الطّاغيتان التونسيّان الحقّ في الحصول على عدد من المُتع الفاخرة الصّغيرة. قد يُثير هذا التّقسيم الإجتماعي غضب الكثير من القرّاء، ولكن ليكونوا متساهلين وليعترفوا بأنّه ليس من المُجدي أن نلوم المرآة عندما نرى فيها صورةً لا تعجبنا. 


وأخيرًا، أدعو مرّة أخرى إلى اجتماع كلّ القوى الثوريّة. توقّفوا عن التفكير في ما يفرّقكم! كفاكم وقوعًا في شراك السّلطة! ينبغي أن نطعن في الحجج الكاذبة التي يستعملونها لدعوتنا إلى "الهدوء". لقد قطعنا شوطًا كبيرًا تصعب معه العودة إلى الوراء.. ويجب علينا أن نتحلّى بالجّرأة والإرادة للوصول إلى حرّيتنا.


باريس في 7 أفريل 2011


شيران عبد الرّزاق


ترجمة: رمزي / مدوّنة المتنوشة

http://www.mtanwcha.com/2011/04/blog-post_10.html


رابط المقال الأصلي بالفرنسيّة


http://www.the-invisible-war.com/article-la-strategie-de-la-tension-71176845.html