mardi 14 juin 2011

الحكومة الخفية لا تقيم وزنا للضعفاء و تملي الأوامر على الأتباع و تتفاوض مع الأقوياء




من هي الحكومة الخفية الحقيقية ؟   من هو  اللذي  يحكم  البلاد فعليا : هل هي حكومة الظل برئاسة كمال اللطيف؟ أم  حكومة الباجي و هيآتها ؟ أم وزارة الداخلية ؟ أم الجنرال رشيد عمار  ؟ أم  بعض رجال الأعمال و بعض قيادات التجمع  ؟    أم جميع هؤلاء دمى تحركهم حكومة خفية من الخبراء؟ إن المتتبع للمشهد السياسي في تونس و مصر  يمكنه الوقوف على جملة من الأحداث و المجريات غاية في التشابه و التطابق قد وقعت في تونس و مصر مما يوحي أن الرأس المدبرة واحدة رحل الإستعمار و بقيت التبعية  للتذكير بما هو معلوم من السياسة بالضرورة فإن الإستعمار المباشر قد رحل، و لكن قد وقع تعويضه بالتبعية الإقتصادية و الثقافية و السياسية و العسكرية تحت عنوان التعاون في الأمور التقنية و الثقافية، و لازال الحال كذلك إلى اليوم. و حتي تتضح الصورة أكثر ننقل لكم ما يلي  <<  وفي مقاله بصحيفة "الشروق" 14 مايو 2011 حكى الكاتب فهمي هويدي كواليس دعوة وجهتها الخارجية الفرنسية إلى ستة من شباب التجمعات السياسية المصرية لحضور ندوة في باريس 14 و15 أبريل الماضي...... تطرق الحديث إلى استعداد الحكومة الفرنسية لتقديم مختلف صور الدعم للقوى السياسية المصرية التي ظهرت أثناء الثورة. وعبر "جان فرانسوا كوبيه" الأمين العام للحزب عن رغبة فرنسا في التعاون مع الأطراف التي تتبنى عددا من القضايا الأساسية هي: علمانية الدولة المصرية، وتأييد معاهدة كامب ديفيد، والدفاع عن السلام مع إسرائيل، ومعارضة حركة حماس، والدفاع عن الرئيس السابق حسنى مبارك ورفض تقديمه إلى المحاكمة، والاصطفاف إلى جانب التيارات السياسية التي تعادي الإخوان المسلمين لإضعاف حضورها في المستقبل السياسي لمصر >> التعليمات إذن واضحة و جلية: العلمانية، اسرائيل حبيبة، جبهة احزاب ضد تيار ''التطرف'' ، و الدفاع على عملائنا. و الحقيقة هي أكثر عمقا و تتجلى في خدمة إسرائيل أولا و التبعية الإقتصادية و الثقافية و السياسية و العسكرية ثانيا. و كل من يتمشى مع منظومة التبعية و خدمة إسرائيل يصنف من الأصدقاء و المعتدلين، و يصبح مؤهلا لمراكز السلطة و الشهرة ، و كل من يخالفها يصنف  من الأعداء     ماذا قدم لاعبو المشهد السياسي الجدد و القدماء خدمة لإسرائيل    كما أسلفنا، فمن شروط التأهيل لمراكز السلطة و المناصب الهامة و الشهرة ، لابد من الإنتماء إلى منظومة التبعية و خدمة إسرائيل.  و في ما يلي بعض الأحداث و الدلائل اللتي تكشف بعض ما قدم القدماء من خدمة  لإسرائيل و تكشف من هم الجدد من اتباع هذه المنظومة  1) عندما إستقبل الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو  بورقيبة في قصر الإليزي قال له:<< أنت ربحت الإستقلال  بصداقتك لنا>> و لم يقل له بكفاحك و كفاح الشعب التونسي  : << vous avez gagné le pari de  l'indépendance grâce à votre amitié et sympathie>> 2) عندما توفي رئيس الحكومة الفرنسية منداس فرانس سنة 1982 تكشفت بعض الحقائق من خلال ذكر خصال وأعمال هذا الرجل، أهمها أن منداس فرانس هو الأب لإتفاقيات كامب دافيد بين مصر و إسرائيل. و الحقيقة اللتي تكشفت هي أن الفنان اللذي أخرجها إلى أرض الواقع هو بورقيبة من خلال إقناع السادات بها. و هذا يمثل خدمة عظيمة قدمها بورقيبة إلى  إسرائيل لم تكن لتحلم بها. و طبعا أعلن بورقيبة معارضته لهذه  الإتفاقيات عندما تم  الاعلان عنها، نفاقا كبقية رؤساء العرب   3) خلال احدى جلسات هيئة بن عاشور اقترح احد الاطراف ان يقع التنصيص في ديباجة العقد الجمهوري  على ان تونس ترفض التطبيع مع اسرائيل مادامت فلسطين محتلة فإذا بـ حوالي 40 عضوا من اعضاء الهيئة يرفضون مناقشة هذا الامر من اساسه تحت تعلة ابتعاد هذه النقطة عن فحوى الموضوع ثم ينضم اليهم عياض بن عاشور ليحذف النقطة من مسودة النقاش ثم يطلب من العضو الذي اثار النقطة عدم تناول الموضوع للاعلام والصحافة. عند فحص اسماء الرافضين للنقاش تبرز اسماء اعضاء حزب التجديد و ممثلات النساء الديمقراطيات يضاف اليهم مثقفون وسياسيون قريبون من التجمع وبارونات المال و اكاديميون على راسهم محمد عربي شويخة الذي زار اسرائيل والقى محاضرة في جامعة بار ايلان بتل افيف في ديسمبر 1999 وعبد الحميد الارقش الذي رافق شويخة في زيارته للكيان الصهيوني  4)و لذلك ليس من قبيل الصدف أن يكون جزء من اليسار ( وهو اليسار الفرنكفوني الإنتهازي:حزب التجديد و حزب الشابي و  نساء ديمقراطيات) قد تموقع في كثير من مواقع النفوذ منها الوزارية و الإدارية والإعلامية، و السيطرة الكاملة على لجنة بن عاشور و لجنة الجندوبي. و ليس من قبيل الصدف أيضا أن يكون محسن مرزوق العضو في هيئة بن عاشور  ،و المدير الإقليمي لبرامج مؤسسة فريدوم هاوس بشمال افريقيا التابعة للمخابرات الأمريكية ، أن يكون وراء مشروع العقد الجمهوري الذي يمثل إنقلابا على الديمقراطية و إرادة الشعب و هويته   5) لم يعد يخفى على أحد مدى علاقة بن علي الحميمة بإسرائيل بعدما  تكشفت عمالته للموساد  و تآمره على قيادات فلسطينية   و مازال القدماء من بقايا بورقيبة و بن علي و الجدد من التابعين يغرقون البلاد في التبعية الإقتصادية بالقروض و آخرها من عند ج8 و التبعية العسكرية والأمنية آخرها توقيع اتّفاقيّة تعاون بين وزارتي الدّفاع التّونسيّة و الدّاخليّة الفرنسيّة تتعلّق ببعث ما سمّوه ب"مركز عسكريّ للتّكوين المهنيّ" بولاية قفصة . و لا يسع هذا المقال لذكر آخرين من الأكادميين كالعفيف الأخضر و الفنانين كسهام بالخوجة  و السينمائين ...من منظومة التبعية و التطبيع مع إسرائيل     فضيحة كشف المستور و في وضح النهار تعيين و فرض السفير الجديد على عجل و بدون أدنى مشاورات مع الدولة التونسية و خرق البروتوكولات الدبلوماسية الدولية يفضح بالدليل القاطع أن المسئوولين الفرنسيين يعتبرون تونس فعلياً محافظة فرنسية و لا سيادة لها حتى تحترم. و الغريب في الأمر أنه لم يقع أي رد فعل من طرف الدولة التونسية. و هل يستطيع التابع أن يلوي العصا في يد سيده و ولي نعمته؟ لماذا بوريس بوالن  بالذات سفيرا بتونس ؟  إن أهمية بوريس بوالن تكمن في أنه إشتغل بوزارة الداخلية الفرنسية، و إشتغل كسفير في العراق اللذي اشتعل نارا بفعل إثارة الفتن الطائفية، و في معرفته بما يدور في كواليس هذا البلد ، و في درايته بخبايا و مناورات اللعبة الديمقراطية اللتي طبقت فيه. وهو القائل أن العراق هو مخبر الديمقراطية في البلاد العربية سؤال مطروح  و بإلحاح لماذا كل هاته العجلة في تعيين بوريس بوالن؟  ما اللذي جعل سركوزي يرمي عرض الحائط و في وضح النهار ببروتكولات الدبلوماسية الدولية و سيادة الدولة التونسية ؟ أهي الحاجة العاجلة إلى من يدير هذه المرحلة الحرجة و من  يدرس و يحلل و يقيم و  يخطط و ينسق و يعطي الأوامر للتنفيذ ؟ فهل من تفسير مقنع  ؟    من هي الحكومة الخفية ؟  من البديهي أن تكون الحكومة الخفية من الأطراف الخارجية و الداخلية اللتي يمكن أن تتضرر من إنتصار الثورة. و من البديهي أيضا أنه في ظل وجود حكومة خفية مركزية أن تكون حكومة الواجهة أي حكومة الباجي غير منسجمة و مذبذبة في قراراتها و مواقفها. و هذا ما شاهده الجميع في مواقف السبسي:وعلى سبيل المثال (و الأمثلة عديدة)  كان الباجي حازما في قمع مظاهرات الشباب لفرض '' هيبة الدولة '' ،لكنه كان مذبذبا و غير مكترث لمذبحة المتلوي. و قد كان من المفروض على رئيس حكومة مسؤول يملك القرار السياسي أن تكون  هذه المذبحة  هي أول ما يشغل باله و أول ما  يتحدث عنه في خطابه، وكان من المفروض أن يعلن الحداد في البلاد ، و يقيل وزير الداخلية و يفتح تحقيق مستقل للوقوف على كل المجرمين و كل مسؤولي الداخلية و الجيش اللذين لم يتحركوا في الوقت المناسب و لم يلبوا حتى النداءات لوقف هذه الجرائم البشعة. و  من المستبعد جدا أن تكون الداخلية لوحدها أو  رشيد عمار  من يدير الحكومة الخفية  نظرا لعدم الإنسجام بينهما، بل هناك تنافر بينهما، و لكن  مع ذلك نلاحظ أن الأمن و الجيش يمتثلان لنفس الأوامر عند كل حدث يخص أمن المواطن بعدم التدخل. و هذا ما يوحي بوجود  جهة أخرى تصدر الأوامر للإثنين. كمال اللطيف و حكومة الظل لهم دراية بالمشهد السياسي و لاعبيه ، و لكن  ليس لهم دراية و تجربة في حبك و تخطيط مؤامرات من نوع الذهيبة اللتي تتطلب أيادي خفية متعددة ، و كذلك بالنسبة لمذبحة المتلوي. كل هؤلاء لا يمكن إلا أن يكونوا أدوات تنفيذ لحكومة خفية    ما هو الحل ؟ لقد أصبح من المعروف من خلال كل الأحداث الكبرى اللتي عاشها العالم ، أن المنطق اللذي يسود العالم اليوم يقول أنه لا مكان للضعيف. فالمصنفون في قائمة الأعداء حسب منظومة التبعية يداسون و لا يقام لهم وزنا إذا كانوا ضعفاء ، و يتفاوض معهم إذا أثبتوا أنهم أقوياء،  أما الموالون للتبعية فتملى عليهم الأوامر و يطبقونها و هم صاغرين. الحل إذن هو النزول إلى الشارع  في تحركات سلمية ، و وحدة كل فئات الشعب و وحدة طلائعه من شرفاء الشباب و النقابات و الأحزاب و الجمعيات المهنية و الحقوقية و الإلتفاف حول مطالب الثورة و الإبتعاد عن الحسابات الضيقة، و وضع مصلحة البلاد فعليا لا كلاميا فوق كل إعتبار حزبي أو فكري، و تكوين  جبهة من الأحزاب الوطنية الشريفة  بإستراتيجية موحدة و مواقف و بيانات واحدة تصدر  باسم الجبهة إلى حين استجابة الحكومة الخفية إلى مطالب الثورة. و من البديهي أن الحكومة الخفية لا تستجيب إلى مطالب الثورة إلا بمقدار الضغط عليها و بمقدار خوفها من فقدان السيطرة على مقاليد الأمور