jeudi 17 février 2011

كارنيجي: وبدأت معركة اجتثاث الأنظمة بمصر وتونس


لم يكن إسقاط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ونظيره المصري حسني مبارك بمثابة لحظات تاريخية لبلادهم فحسب بل للعالم العربي بأسره. لكن تبقى الأنظمة القديمة – مُمثلة في الجبال الجليدية للعلاقات الشخصية والمؤسسات والمصالح المشتركة للرئيس وحاشيته المقربين موجودة بل إن هؤلاء يحاربون للعودة لما كانوا عليه في السابق.
وقد يبدو ذلك طبيعيا، فنحن ما زلنا في الأيام الأولى من عملية الانتقال نحو نظام جديد في مصر وتونس ولكنها قد تطول، لكن من الواضح أن معركة اجتثاث الأنظمة بالكامل لن تكون سهلة كما يتصورها البعض. ويبقى الرهان في تلك المعركة على الحصان الأقوى وهم المتظاهرون في الشارع.
التحركات الأولية لأفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بدا أنها تدل على رغبته في الحفاظ على النظام متى أمكن. فقد جاء إعلان المجلس الأعلى بالإبقاء على الحكومة المصرية الحالية، التي يميزها أبرز رجالات مبارك، لتسيير الأعمال حتى نهاية الفترة الانتقالية التي لن تدوم أكثر من ستة أشهر. وقام المجلس بحل مجلسي الشعب والشورى وأبطل العمل بالدستور؛ وهي الإجراءات التي طالبت بها المعارضة بسبب التلاعب، الذي وصل لمرحلة السخافة، بالانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ والدستور الذي تم تفصيله لحماية النظام من أي منافسة حقيقة تهدد بقائه في السلطة.
وأعلن الجيش أن الدستور المعدل سيكون جاهزًا في غضون عشرة أيام، على أن يتم عرضه في استفتاء عام للموافقة عليه في غضون شهرين. ولكن هذا الجدول الزمني لن يسمح بوقتٍ كافٍ للتشاور مع أطراف المعارضة، كما لن يسمح بفترة نقاش عامة بشأن تلك الوثيقة. بدون التشاور والنقاش سيكون الاستفتاء العام كأي استفتاء سبق في مصر خاليًا من أي مغزى. وفي حالة أن الانتخابات أُجريت في غضون الأشهر الستة المقبلة – كما أعلن الجيش – فإن الأحزاب التي عاشت لعقود مُقيدة وضعيفة لن تجنِ ثمارًا حينما يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع. بعبارة أخرى؛ يرى البعض أنه لقد صُممت خطة الجيش بعناية لتقييد التغيير لا لدعمه.
سيتم إجبار الجيش على الأرجح لتعديل خطته. فالذي يبدو أن قوى المعارضة والمتظاهرين سيتركون الجيش الذي يقوده أنصار مبارك وأفراد الحكومة، الذين عيّنهم مبارك، ليقودوا مصر خلال الأشهر الستة المقبلة على أن يبدأوا بعد ذلك صياغة قواعد اللعبة من جديد. لكن تبقى الإصلاحات المقترحة حتى الآن دليلا دامغا على أن النظام يرغب في الاستحواذ والسيطرة. 
التنحي لحماية النظام؟

تُونس، والتي مر عليها شهر حتى الآن وهي ما تزال في مرحلتها الانتقالية، تُظهر بعض الإشارات على مدى صعوبة اقتلاع نظام ضارب بجذوره في الأرض. كما في مصر تمامًا، فالنظام أجبر الرئيس على التنحي لحماية النظام ذاته. استمرار النظام ما يزال أمرًا ملفتًا للنظر، فرئيس البرلمان فؤاد المبزع خلف بن علي في السلطة وبقى محمد الغنوشي في منصبه، وغالبية الوزراء احتفظوا بحقائبهم الوزارية. المحاولات بإضافة وجوه جديدة – باختيارهم من أحزاب المعارضة والاتحادات التجارية الصغيرة – للحكومة تمت في بادئ الأمر لتغيير وجه الحكومة؛ وفي نهاية المطاف، بادرت غالبية التعيينات الجديدة، ومن بينهم اتحاد العمّال الرسمي، بتقديم الاستقالة.
ومنذ تلك المحاولة الأولى، فإن أفرادًا من النظام القديم يشنون حربًا هادئة للبقاء في السلطة على أن يقدموا تغييرات تعمل على إشباع رغبات المتظاهرين. الرئيس ورئيس الوزراء استقالا من الحزب الدستوري الحاكم في عهد بن علي، وسرعان ما لحق بهم كافة وزراء الحكومة القديمة. وتم حلّ اللجنة المركزية للحزب وأعقبها "تعليق عمل" الحزب بكامله. اتحاد نقابات العمال الذي يسيطر عليه الحكومة حاول أن يرسم نفسه بطلاً مدافعًا عن حقوق العمال والمتظاهرين، لكن من دون تغيير قيادته.
وأخيرًا شُكلت الحكومة الجديدة، لكن بقي الغنوشي في منصبه كرئيسًا للوزراء والمبزع رئيسًا. العملية ما تزال في طور التكوين، ومن المستحيل التكهن بتنازلات إضافية يقوم بها النظام قبل أن تقوم الحكومة بالظهور بشكل جديد يصبح مقبولاً، لكن من الواضح أن الحرس القديم لن يكون بإمكانه سوى فعل القليل.
وحتى الآن فإن مُحصّلة عمليتي الانتقال – تونس ومصر – ما تزالان مصدر قلق واهتمام، فبن علي ومبارك رحلا، لكن أنظمتهما القديمة باقية. ففي تونس: وسطاء السلطة القدامى يحاولون البقاء من خلال تقديم تنازلات، لكنهم لا يقدمونها إلا حينما لا يجدون بديلاً عنها. وفي مصر: السلطة بكاملها في يد المؤسسة العسكرية القديمة بوجوهها التي لم تتغير.
إسقاط بن علي ومبارك لم "يحنِ قوس التاريخ" كما عبّر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي لفت من البداية إلى "النضال من أجل التغيير بمعناه الحقيقي لم ينته بعد"، والدول العربية على موعدٍ جديد من مواجهة الخيار الصعب بين الأمن الكاذب الذي يأتي من دعم الحلفاء القدامى الذين لا يقدمون سوى قشور من الإصلاح، والارتياب من التغيير الجديد في الأنظمة التي تنتقل بهم إلى الديمقراطية


http://www.onislam.net/arabic/newsanalysis/special-folders-pages/new-egypt/on-the-sidelines-of-the-revolution/128866-2011-02-16-14-26-02.html

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.