mardi 15 février 2011

المولد النبوي فرصة لتجديد الصلة بالسنة النبوية

من غير المقبول أن يزايد منتسب للإسلام مهما كان انتماؤه على غيره من المسلمين في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يلجأ البعض وبذريعة حب الرسول الأعظم- عليه الصلاة والسلام- إلى الاحتفال بطرق مخالفة للسنة النبوية الشريفة.

وما أكثر مظاهر الاحتفال المبتدعة والتي يحاول البعض إيهام العوام والبسطاء من الناس بأنها من صميم الدين. وما أكثر الجهات التي تحاول فرض الوصاية على هذه المناسبة الكريمة، وتستأثر بالاحتفال بها على طريقتها الخاصة مع محاولة ادعاء الحق في ذلك دون غيرها من الجهات وفرضه على الناس عن طريق ركوب كل الوسائل. ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رسول الإنسانية جمعاء التي توحد الله عز وجل، وليس من حق أحد أن يدعي الحق في هذا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم دون غيره من الموحدين.

فالمسلمون في كل أنحاء العالم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحبون الاحتفال بمناسبة مولده الشريف ولكن على ضوء سنته، وليس على ضوء البدع التي ابتدعها المبتدعون من بعده محاولة منهم لتحريف الدين الإسلامي. فما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته الشطحات على إيقاع المدائح ولا على إيقاع الطبول والدفوف أو غيرها من الآلات الموسيقية، وما شرع لهم ترويع الناس بالمفرقعات، ولا شرع لهم بدعة من بدع اللهو واللعب التي ابتدعها المبتدعون من بعده بدعوى الاحتفال بمولده الشريف.

فالاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يجب أن يبدأ بالتزام سنته في كل جوانب الحياة. فالذين يدافعون عن اقتناء المفرقعات المسبب للأضرار لأبنائهم بدعوى تحبيب المناسبة لهم وإظهار الفرح بها لا يفكرون أبدا في أمر أبنائهم بالصلاة والمحافظة عليها يوميا، كما يحرصون على اقتناء المفرقعات لهم.

والذين ينشغلون بالمدائح والشطحات والطعام والشراب ويدعون الناس إليها لا يحرصون على أمر هؤلاء الناس بالمحافظة على الصلوات يوميا، وعلى السلوك الإسلامي في كل المعاملات. وإن الذين يحاولون تحويل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى مجرد عادات تخدم مصالحهم الدنيوية المكشوفة هم أبعد الناس عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولئن استطاع هؤلاء استدراج الصغار والأغرار والعوام البسطاء إلى مظاهر الاحتفال التافهة وتقديمها على أساس أنها من الدين فإنهم لن يستطيعوا تضليل الراشدين والمثقفين الذين يجعلون من هذه المناسبة فرصة لإحياء السنة النبوية الحقيقية، من خلال الدعوة إلى المشروع الحضاري الإسلامي الذي ينطلق من بيوت أذن الله عز وجل أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ويتلى فيها كتابه المتضمن لتعاليمه التي توجه المسلمين في كل مجالات الحياة.

فالمحتفل حقا بمناسبة المولد النبوي هو الذي يقصد بيت الله عز وجل يوميا ويحافظ على الصلوات الخمس ونوافلها، وهي صلوات تنهاه عن الفحشاء والمنكر مهما كانت طبيعة الفحش والمنكر، وهو الذي يفكر في خدمة هذا الدين بعمل يعود بالنفع على الأمة من قبيل المساهمة في المشاريع الخيرية سواء التي تخدم الفئات المحرومة من أيتام وأرامل، وعجزة ومشردين، أو التي تخدم المسلمين المضطهدين في مشارق الأرض ومغاربها، أو التي تخدم رقي الأمة الإسلامية في كل المجالات والآفاق.

أما الذين يكتفون بالاحتفالات الفارغة من قبيل الشطحات التي تقوم مقام التنويم المغنطيسي للعوام وصرفهم عن المشروع الحضاري الإسلامي العظيم، أو من قبيل العبث واللهو الذي قد يتسبب في أضرار كما هو شأن المفرقعات أو غير ذلك من مظاهر الاحتفالات التافهة التي لا تشرف الأمة الإسلامية العظيمة، أمة العلم والعمل والحضارة البانية، فهم مجرد مهرجين تافهين تتبرأ منهم مناسبة المولد الشريف وتكشف سنة صاحب المناسبة عليه السلام زيف ابتداعهم عندما تعرض مظاهر احتفالهم على الكتاب والسنة فتبدو غريبة عن دين الإسلام.

وإلى جانب احتفالات البدع التي تقف وراءها جهات مغرضة لها مصالح دنيوية مكشوفة نجد فئات من المتعصبين التكفيريين الذين يظنون بأنفسهم العلم وبغيرهم الجهل ولا يترددون في تكفير غيرهم، وهم يحاولون تجاهل هذه المناسبة تجاهلا تاما بدعوى أن الاحتفال بها ولو كان من خلال الاجتماع في بيوت الله عز وجل لاستعراض السيرة النبوية الشريفة بغرض الاقتداء بها مجرد بدعة دون التمييز بين التعريف الشرعي للبدعة، وهدف هذه الفئات المتعصبة هو تبرير اتجاهاتها التكفيرية، ومحاولة إضفاء الشرعية عليها، واستغلال بعض الشباب المندفع المحدود المعرفة وربما المهزوز نفسيا لتمريرها، والذي قد يشاهد بعضهم وهم يقومون بأعمال استفزازية في بيوت الله عز وجل عندما يتلى كتابه جماعة أو يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، إذ ينتفضون ناظرين إلى المصلين بازدراء وسخرية وهم يحرصون على التميز عن غيرهم من الناس بلحى مبالغة في الطول والشعث وغير مرجلة وقمصان قصيرة فوقها بذلات جلدية أو بذلات شبه عسكرية، مع أحذية رياضية، وهو هندام غريب ومثير للسخرية، إذ يخلطون بين ما هو أصيل وما هو دخيل ولا علاقة له بما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومع ذلك يتبجح هؤلاء بأنهم أعلم الناس بالسنة، وليتهم تعلموا من السنة النبوية الشريفة شيئا واحدا وهو حسن الخلق وحسن معاملة الناس وكف الألسنة عنهم، إذ تبدو أخلاقهم أحيانا أقبح من أخلاق أهل الفجور والفسوق.

وأخيرا نشير إلى أنه ليس من حق أحد المزايدة على محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء من المبتدعين المشعوذين الذين يحولون مناسبة المولد إلى مجرد فلكلور، أو من التكفيريين المتزمتين الذين يرغبون في طمس معالم المناسبة، وكل منهم إنما يخدم أطروحته متذرعا بالدين، والدين براء من المبتدعين ومن التكفيريين على حد سواء.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.