ما مدى تدخل الأمريكي الفرنسي في الالتفاف على جني ثمار الثورة التونسية؟؟
هل هناك صراع خفي بين بين أمريكا و فرنسا حتى يبسط كل واحد نفوذه على تونس؟؟
ما هي أهم المكاسب التي تسعى هذه القوى الأجنبية الى تثبيتها و ما هي أهم المصالح التي تعمل على تحقيقها ؟؟
فأما من حيث المكاسب
لا يخفى على الجميع أن تونس لا تمثل قوة اقتصادية اقليمية فاعلة سيما و أنها لا تتوفر على مدخرات كبيرة من الطاقة أو المواد الأولية التي ما تكون سببا في اسالة لعاب هذه القوى المتكالبة على خيرات الأرض
و لكن المكسب الحقيقي الذي قد تحقق بنسبية لقوى الغرب في تونس هو مكسب اجتماعي ثقافي تتجلى تفاصيله في الاعلام التونسي الدغمائي و في المناهج التعليمية التي جففت من منابعها الاسلامية العربية و في المشهد الثقافي الذي صار مرتعا للمتفيقهين و المائعين على مدى أكثر من خمسة عقود
و في التهميش الممنهج و المدروس لهويتنا الاسلامية العربية و العمل الدؤوب على اجتثاثنا من انتمائنا الى حضارتنا الضاربة بعمق في الاسلام و العروبة و تشويه تاريخنا بغية افراغنا من القيم الفاضلة و ادماجنا في منظومة غربية هجينة تعمل جاهدة على تمييع شبابنا و تغريبه و التخليط عليه بمفاهيم و شبهات و سموم قد تتمكن من كل ذي فهم سطحي و غير عميق لاسلامه.
و في المقابل كان السعي الدؤوب لاقصاء أي نفس اسلامي عروبي معتدل من دائرة القرار و من مكونات المجتمع المدني، باستعمال آليات و ضوابط قانونية و آلة قمعية عتيدة يشهد لها القاصي و الداني بمدى وحشيتها و بترسانة اعلامية عملت على تشويه الاسلام و و حصره في بوطقة الارهاب و التكفير و العنف حتى يحرزوا على مشروعية في الداخل من حيث التفاف الشعب حولهم نبذه للدين و على مشروعية من الخارج من حيث الدعم السياسي و المالي للنظام، و كل ذلك كان على حساب الكثير من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى ركعتي الفجر جماعة في المسجد أو لحية و كل ذلك تحت شماعة الارهاب.
فكان النظام التونسي مضرب الأمثال في المحافل الدولية
و مثال يحتذى به في الأنظمة العربية الكليانية بايعاز من الغرب، و ما مقر مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس و اجتماعته الدورية فيها الا أحسن الدلائل على ما ذهبنا اليه من تفصيل.
فصار المثال التونسي منهجا لأكثر من نظام يريد استئصال أي مشروعية شعبية تهدد طغيانه، سيما و أن المشروعية الشعبية في أي بلد عربي انما هي مشروعية اسلامية عربية مهما تعددت الأطياف السياسية و مهما تصارعت على اقتسام الكعك.
و أمام هذه الثورة العظيمة للشعب التونسي التي أربكت كل حسابات الغرب
و أسقطت نظرياتهم حول الخنوع و الرضا بالقليل الذي يمنون به على شعوبنا
و أمام تسارع الأحداث أمامهم و سعيا منهم للحفاظ على صرحهم الذي عكفوا على بنائه أكثر من خمسة عقود، كان ضغطهم واضحا و تدخلهم مفضوحا لصياغة مستقبل تونس حسب أجندتهم و مواصلة لسياساتهم
و هذا ما قد وضحناه منذ الأيام الأولى لتشكيل الحكومة الأولى
من خلال هذين المقالين
...
و من بعد جاءت التشكيلة الجديدة للحكومة
التي من ايجابياتها أنها قطعت مع رموز النظام البائد سيما منهم المتورطين في ملفات الفساد
و لكن يبقى التساؤل حول الابقاء على سليم عمامو كاتب الدولة للشباب الذي لا يرى مانعا من رفع الحجب عن المواقع الاباحية
و الابقاء على أحمد ابراهيم في وزارة التعليم العالي بالرغم من انتمائه للحزب الشيوعي القديم بالرغم من أن الحكومة الجديدة أقرت عدم الجمع بين أي حقيبة وزارية و بين أي انتماء حزبي، و من فكره الاستئصالي لأي نفس اسلامي عروبي
و الابقاء على الطيب بكوش في وزارة التربية
و كأن التعليم في تونس كتب عليه أن يبقى منذ 1956 بيد اليسار
أما وزارة المرأة فهي في يد ليليا العبيدي و التي هي عضوة في جمعية النساء الديمقراطيات و كلنا يعرف مبادئ و أهداف هذه الجمعية من حيث ضرب الثوابت كتعديل الميراث بين المرأة و الرجل و من حيث الهرولة لقيم غربية دخيلة علينا كالتحرر الجنسي
هذا دون أن ننسى منذ 14 جانفي أن المنابر الاعلامية لم تعط الفرصة لأي تواجد لنفس اسلامي عروبي، و كأنه غياب يميل الى التغييب الممنهج.
و لكن الخطر الكبير ليس في هذه الحكومة التي اتفق الجميع على وقتيتها
و لكن في لجنة الاصلاحات السياسية
اذ وجب لزاما أن تتجرد هذه اللجنة من كل انتماء حزبي و خاصة من كل خلفية ايديولوجية
اذ أن هذه اللجنة هي المسؤولة عن وضع الاليات و الضوابط القانونية للمرحلة للجديدة و تحديد قواعد المنافسة للوصول الى الحكم
و من ذلك تعديل الدستور أو الغاؤه أو سن دستور جديد و تعديل المجلة الانتخابية
و لذلك أي خلفية ايديولوجية لهذه اللجنة قد تكون سببا لاقصاء طرف و تغليب طرف اخر
ولكن أكثر أعضاء هذه اللجنة معروفون بولائهم الأعمى للثقافة الغربية و لليسار الفرنسي.
من خلال هذا المشهد السياسي الحالي يتسنى لنا مدى سعي القوى الغربية للالتفاف على ثورتنا و اجهاض تطلعاتها الشعبية التائقة الى أكثر حرية يكون فيها كل المتسابقون على نفس القدر من المساواة في سباقهم ، فكانت هذا السعي الخفي للحفاظ على مكسب التغريب و التمييع، الذي يتبعه سعي اخر لتحقيق مصلحة ضرورية لقوى الغرب
فمن حيث المصالح التي تلهث قوى الغرب على تحقيقها على أرض الواقع ، هو تشويه الثورة التونسية و العمل على افراغها من بعدها الأخلاقي بتعميم فوضى أمنية و اقتصادية و افتعال الشائعات و الأراجيف لتزيد من احتقان الشارع و تفجير الأحقاد و اذكاء نار الفتنة و التشجيع على المحاكمات الشعبية و تغييب دولة القانون و المؤسسات.
و ما سعيهم الى هذه الأفعال المشينة الا لتركيع الشعب التونسي و تخويفه و تجويعه و التآمر على أمنه، حتى نكون عبرة لأي شعب عربي أراد أن ينتفض من أجل الحق
و يثور على قوى الطاغوت و الظلم،
حتى تخاف الشعوب العربية من مصيرها المجهول ان انتفضت فترضى بالقليل الموجود ، خير لها من المضي في زقاق مظلم تنتهك فيه الدماء و الأعراض و الأموال
و قد صارت الصورة واضحة بعد خطاب حسني مبارك في أول ظهور له في خضم الثورة المصريةو قد هدد شعبه من مغبة الثورة و تبعاتها ، ملمحا الى ثورة تونس العظيمة
و تزداد الصورة أكثر وضوحا بمتابعتنا لسير الأحداث في مصر:
*قتل المتظاهرين
*انسحاب الشرطة
*انتشار المليشيات الناهبة
*قنص المواطنين الأبرياء
*تخريب و نهب المؤسسات العمومية
*تخريب و نهب اللمتلكات الخاصة
*ترويع المواطنين و ارهابهم
إطلاق سراح المساجين
و كل ذلك يصب في خانة ترويع الشعب و اثنائه عن المضي قدما في مسيرته التحررية
فلا حامي له و لا حافظ له الا حسني مبارك
و لكن : " و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين
و ما أشبه اليوم بالبارحة: نفس الأسلوب و نفس المنهج في تونس منذ 14 جانفي مما يدل على أن المحرك و المدبر واحد
و الهدف هو خلق فوضى عارمة في تونس، تأتي على الأخضر و اليابس
و الا بماذا نفسر زيارة تلك الحية الرقطاء المتمثلة في شخص فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط الذي أينما حل الا و حلت معه رائحة الفتن و المؤامرات و لنا في لبنان خير مثال
و بماذا نفسر اعلان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ان السفير الفرنسي في بغداد منذ ايار/مايو 2009 تم تعيينه سفيرا جديدا لفرنسا بتونس.
لماذا وقع الاختيار على هذا السفير الذي كان في العراق؟؟؟
هل تونس في نفس الفوضى الأمنية و الاحتقان الطائفي الذيين كانا و لا زالا تتخبط فيهما العراق فصار لزاما على فرنسا أن تضع سفيرا له من الخبرة و المعايشة لمثل تلك الظروف ما يخول له أن يكون رجل المرحلة؟؟؟
أم أن فرنسا تسعى الى تعيين سفير له من الدراية و الحنكة ما قد يؤجج الاحتقان داخل المجتمع التونسي مما قد يسبب لنا فوضى أمنية؟؟؟؟
في كل الحالات و مهما كانت الفرضيات
فهذا يؤكد ما طرحناه سالفا
و ما نراه واضحا على أرض الواقع من ازدياد نسبة الاحتقان و حتى افتراضيا من خلال الفايسبوك في العديد من التعاليق التي تتكرر من صفحة الى أخرى
من خلال حسابات وهمية حديثة العهد
و لقد لاحظنا منذ 14 جانفي أن عدد طلبات الاضافة من خلال حسابات جديدة بأسماء وهمية قد تكاثرت
كما أنه قد تم انشاء بعض الصفحات الجديدة التي تتفنن في صياغة الاشاعات و اشعال نار الفتنة
بين مختلف الأطياف السياسية من اليمين الى اليسار و زيادة الاحتقان بين الجهات و اشاعة أخبار تحريضية بغاية تعميم الفوضى و شق الصفوف
و لكن مهما تآمرتم علينا ، فاننا نقول لكم عهد الخنوع قد ولى دون رجعة
و أننا صرنا أسياد أنفسنا و نحن بتوكلنا على الله من سيكتب التاريخ
لنحيلكم على مزبلة التاريخ أنتم و مرتزقتكم
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.